الفعل السياسي المغربي لا يكتفي باحتضان الفاشلين، بل يرعاهم ويرفعهم الى مقام الزعماء والقياديين… و مِمْزَقة الأوراق تطفح بأمثالها مسبقا
نحن نعيش في عصر التفاهة، حيث حفل الزفاف أهم من الحب ومراسم الدفن أهم من الميت واللباس أهم من الجسد والمعبد أهم من الله. - إدواردو غاليانو
عن برلمان.كوم بتصرف Gil24
نشرت النائبة البرلمانية السابقة والقيادية المبعدة في حزب العدالة والتنمية أمينة ماء العينين تدوينة قالت إنها تحليل لتألق اللاعب المغربي الأصل يامين جمال، وجاء في هذه التدوينة:
أن الاحتفاء المغربي بنجاح هذا اللاعب إنما “يعكس توق الذات الجماعية المغربية لقصص النجاح”، ذلك أن الثقافة المغربية، حسب منظور هذه السيدة، “لا تحتفي بالنجاح والناجحين، بل غالبا ما تضع أمامهم كل العراقيل لكسرهم حتى لا يعكسوا خيبة محيطهم وفشله، فهم غالبا المرآة التي يجب كسرها”.
مضيفة أن البيئة المغربية ” تنبذ قيم العمل والانضباط والاجتهاد، وتسعى إلى إزاحة من يحاول إشاعتها لأن ذلك يشكل إحراجا مستمرا..” ولذلك فالذين هاجروا المغرب الى بيئة ملائمة للاعتراف بنجاحهم، “يُزْهِرون حينما يغادرون، ليحلقوا كالطيور الحرة في سماء الإعتراف، وكأنهم ينعتقون من أقفاص الجحود والتبخيس والإحتقار..” وليس “من الغريب أن يتفوق مغاربة الخارج بعدما كانوا هنا شبه نكرات يترأسهم الفاشلون والتافهون الذين عُبِّدَت لهم الطرق في بيئة لا تعتمد الإستحقاق..”.
وتفاعلا مع هذه التدوينة التي لا يختلف اثنان على تأييد استنتاجها التي استغربت فيه تفوق “بعض” مغاربة الخارج، “بعدما كانوا هنا شبه نكرات يترأسهم الفاشلون والتافهون..”.
وهي تعلم ان الكل بالمغرب لا يكتفي باحتضان الفاشلين، بل يرعاهم ويرفعهم الى مقام الزعماء والقياديين، ثم يضعهم في مقدمة الركب، ليحتلوا مناصب المسؤولية من أعلى رأسها الى أخمص قدميها، هذا إن كان للمسؤولية فعلا رأس واقدام.
ولعله من نافلة القول وتحصيل الحاصل أن نؤكد لك، سيدتي، صدق استنتاجك، خاصة ان البيئة السياسية التي تعاتبينها اليوم هي نفس البيئة التي احتضنتك ووضعتك يوما ممثلة للأمة في البرلمان، حيث رفعت عقيرتك منتقدة ومتهمة البعض بعدم احترام المرجعيات الدينية والقيم الأخلاقية داخل المؤسسة التشريعية، قبل أن تلتقطك كاميرات صحفية وانت ترقصين أمام الطاحونة الحمراء، لأشهر ملهى معروف بعروض المتعة والترفيه في باريس.
كما على من يدعي النباهة ويرمي التفاهة بالحجارة، ان يكون مسلحا بظروف الاستحقاق وليس “الإستحقاق” كما كتبتها في عنوان تدوينتك، وانت القادمة من مهنة التدريس لمهنة المحاماة في مسار التقدم السياسي الذي يُسرَ لك من قبل اخوان لك في الحزب، لأن “الإستحقاقّ” و” الإعتراف” و” الإحتقار” تكتب بهمزة الوصل: “الاستحقاق” و ” الاعتراف” و” الاحتقار” وليس بهمزة القطع، اعتبارا لكونها مصدرا للفعل السداسي “استحق” و”اعترف” و “احتقر”، وكما تعلم السيدة المهاجرة من التعليم إلى المحاماة، فهمزة الوصل متحركة وزائدة، ولا يليها إلا ساكن و”العرب لا يقفون على ساكن”.
ولعلك فعلت خيرا، حين هاجرت مهنة التدريس حيث تقييم التلميذ وفق استحقاقه واجتهاده، الى مهنة المحاماة التي لا تضع النجاح او الفشل كشرطين امام من يحتمي بها، كما أنها لا تزن الدفاع عن المتهمين ب”الصراط المستقيم” او بمعيار “المغضوب عليهم ولا الضالين”، وهي نفس المعايير التي تتبناها جزئيا مجالات الممارسة السياسية.
إن البيئة التي تتحدثين عنها لا يمكن إخضاعها فعلا لمنطق التنافس بناء على معايير الاجتهاد والاستحقاق، وإلا لما حلم عزيز أخنوش بالاستقرار في رئاسة الحكومة، وهو الذي وعدنا بحلاوة العسل في حملته الانتخابية، قبل أن تذيب حرارة الوعود كل الشمع المتوفر في الخلايا العسلية، بل هو من هلل مغردا بأن المغاربة يستحقون أحسن ليكتشفوا شهورا بعد ذلك بأن الأحسن في القاموس السياسي لأخنوش، لا يختلف عن الاحسن عند نزار بركة، الذي وعد بتسقيف أثمنة المحروقات ، او عند عبد اللطيف وهبي الذي طالما رافع من اجل الاحسن في مجلس النواب…
المهم، في الأخير سيدتي وجد المغاربة أنفسهم امام رئيس للحكومة يتوعدهم باعادة التربية.